top of page

الدكتور إدريس لكريني : الدبلوماسية الموازية هي مكملة وداعمة ومواكبة للدبلوماسية الرسمية

  • Writer:  سعيد مصلوحي
    سعيد مصلوحي
  • Jul 19
  • 5 min read
ree

في حوار أكاديمي مهم حول الدبلوماسية الموازية مع الدكتورالمحترم السيد إدريس لكريني أستاذ العلاقات الدولية وتدبير الأزمات ، مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات (LECACP)،كلية الحقوق، جامعة القاضي عياض ورئيس منظمة العمل

 المغاربي (0AM)، أجراه مدير المعهد الاوروبي ـ المغربي للدبلوماسية الموازية، مدير نشرصوت المغرب الدولي و مدير نشر أوروبا نيوز بالعربية، السيد سعيد مصلوحي، وهذا نص الحوار:

أرحب بكم الدكتور إدريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية وتدبير الأزمات، مدير مختبر الدراسات الدولية والدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، المملكة المغربية ورئيس منظمة العمل المغاربي..


سؤالي الاول: ما الفرق بين الدبلوماسية الموازية والدبلوماسية الرسمية؟

تحيل الدبلوماسية الرسمية إلى تدبير شؤون ومصالح الدولة على المستوى الخارجي في مواجهة البلدان الأجنبية ومختلف المنظمات الدولية على سبيل تحقيق مصالحها وتعزيز التعاون مع المحيط الخارجي انسجاما مع دساتيرها ومع قواعد القانون الدولي العام.

أضحت الدبلوماسية في عالم اليوم فنّا وعلما، فهي لا تحتاج إلى أساس قانوني فقط، بل إلى كفاءات تستوعب مجمل التحولات والمتغيرات الدولية الراهنة أيضا، فقد تزايدت حدة المخاطر العابرة للحدود، كما أن مفهوم السلم والأمن الدوليين تطور بشكل كبير ولم يعد مقترنا بالتهديدات العسكرية، بل أضحى مرتبطا عناصر مختلفة في أبعادها الصحية والرقمية والبيئية الطاقية والغذائية.

ولذلك، لم تعد هذه الدبلوماسية تقتصر على نسج وتعزيز علاقات تقليدية بين الدول؛ بل أصبحت تحمل على كاهلها مسؤوليات عديدة، تتصل بتدبير الأزمات المختلفة وجلب الاستثمارات وتعزيز المصالح العليا للدولة في جوانبها المتجدّدة والمتطورة، بالإضافة إلى المساهمة في تعزيز السلم والأمن الدوليين..

حقيقة أن المجال الدّبلوماسي هو شأن سيادي ظلت تمارسه الدول عادة عبر الآليات الرسمية (رؤساء الدول؛ ورؤساء الحكومات؛ ووزراء الخارجية؛ والبعثات الدبلوماسية..)؛ غير أن تطور وتشابك العلاقات الدولية وتعدد الفاعلين، وتعقّد المصالح والقضايا والأزمات الدولية.. وتنوع القنوات المؤثرة في ملامحها وتوجهاتها؛ وضع السياسة الخارجية للدول أمام محك حقيقي فرض عقلنة أكبر وانفتاحا أوسع، بالشكل الذي يضمن نجاعتها وعقلنتها ودمقرطتها وتحقيقها للأهداف والمصالح المتوخاة، وهو ما أتاح المجال لبروز الدبلوماسية الموازية التي تقودها مختلف الفعاليات من أحزاب سياسية ومجتمع مدني ومراكز بحثية وجامعات وإعلام وجاليات وجماعات محلية..


س2 - في ظل ما يعرفه العالم اليوم من تحديات وحروب وصراعات مفتعلة ونشر الاخبار الزائفة والمفاهيم المغلوطة، ما تقييمكم لدور الدبلوماسية الموازية في عمق هذه التحديات في جسم العلاقات الدولية؟

في عالم مليء بالتحديات والمخاطر والتناقضات، لا يمكن للدبلوماسية الرسمية بمفردها أن تكسب رهانات السلام المستدام، أو كسب المصالح المختلفة، بل الأمر يتطلب مقاربة تشاركية تساهم فيها الدبلوماسية الموازية بقسط كبير في هذا الجانب.

حقيقة أن الفاعل الرسمي يساهم في إبرام الاتفاقيات وتعزيز الشراكات وإثراء المواثيق والقوانين الدولية، لكن الدبلوماسية الموازية يمكن من جانبها أن تعطي عمقا ودينامية لهذه المبادرات عبر تشبيك العلاقات القاعدية بين الدول بأبعادها الثقافية والاجتماعية والحضارية بما يضفي قدرا من الإنسانية على هذه العلاقات.

فإلى جانب مهامها المرتبطة بالتشريع وإعمال الرقابة على العمل الحكومي يمكن للهيئات التشريعية للدول (البرلمانات) في مختلف النظم الدستورية أن تساهم في هذا الشأن من خلال تدبير الأزمات وجلب الاستثمار وتوضيح ودعم المواقف الخارجية الرسمية للدول إزاء عدد من القضايا الإقليمية والدولية.

كما لا تخفى أهمية الدبلوماسية المحلية، وبخاصة مع تطور أسلوب اللامركزية في تدبير الشأن العام، بحيث لم تعد إسهامات الجماعات الترابية ضمن ما يعرف بدبلوماسية المدن في دعم السياسة الخارجية للدول مقتصرة على أسلوب التوأمة الذي ينطوي على أهمية رمزية تتجسد في تعزيز التضامن الإنساني والتبادل الثقافي وترسيخ التواصل الحضاري، بل تطوّر الأمر إلى إعمال اتفاقات الشراكة والتعاون في علاقة ذلك بنقل التكنولوجيا والتجارب والخبرات وإحداث المشاريع المختلفة وتشبيك المصالح، والمرافعة بشأن مختلف القضايا الوطنية الهامة في إطار علاقات ثنائية مع جماعات أجنبية أو في إطار منظمات المدن والجماعات الترابية عالميا.

وتشكّل الأحزاب السياسية بمثابة مشاتل لإعداد وتكوين النخب التي ستتحمل المسؤولية في مختلف المؤسسات التمثيلية محليا ووطنيا، كما لا تخفى أهمية هذه القنوات في تنشئة وتأطير وتعبئة المواطنين بصدد مختلف القضايا التي تهم الدول.

وتنطوي أدوار المجتمع المدني على أهمية كبرى في المجال الدبلوماسي سواء على المستوى الأفقي في علاقة ذلك بتعبئة الرأي العام بصدد الكثير من القضايا أو على المستوى العمودي من حيث اعتماد تقنيات التسويق والإقناع والمرافعة بشأن قضايا دولية تتجاوز الحدود كقضايا البيئة ومكافحة الإرهاب وحوار الحضارات.

وفي سياق ما بات يعرف بالدبلوماسية العلمية، يمكن أيضا للجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة أن تدعم الدبلوماسية الرسمية وتواكبها عبر طرح المقترحات والحلول والبدائل، وتنظيم الملتقيات والمؤتمرات حول مختلف القضايا والإشكالات التي تواجه صانع القرار، وإصدار الكتب والتقارير بمختلف اللغات، وتعزيز التبادل العلمي مع مختلف المؤسسات الجامعية والعلمية في مختلف دول العالم.


س 3 - حققت الدبلوماسية الملكية المغربية الرسمية نجاحات كبرى وانتصارات دولية في ما يخص قضيتنا الوطنية الاولى القضية المفتعلة الصحراء المغربية، برئاسة جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، و دعا جلالته في اكثر من مناسبة إلى الرقي بدور الدبلوماسية الموازية ، والعمل على شرح الموقف المغربي في الدول التي لازالت غير واعية بحقيقة الصراع المفتعل، في نظركم ، لماذا عجزت الدبلوماسية البرلمانية وديبلوماسية الاعلام المغربي ودبلوماسية الاحزاب وبعض الجمعيات المغربية في الداخل و في الخارج في القيام بالرقي بعمل الدبلوماسية الموازية، والاستمرار في خلق لقاءات وسهرات نخبة تقليدية، عوض النزول إلى الميدان والتواصل مع مجتمعات دول الاقامة، التي هي المحور الأساسي في سياسيات هذه الدول من بعض الدول الأوروبية و خاصة في دول الشمال الأوروبي؟

حرص المغرب على إرساء سياسة خارجية منفتحة ومواكبة للتحولات الإقليمية والدولية في ارتباط ذلك بتطوّر مفهوم السلم والأمن الدوليين وتنامي المخاطر العابرة للحدود، وتصاعد أهمية الاقتصاد في العلاقات الدولية في مقابل تراجع البعد الأيديولوجي، وتردي النظام الإقليمي العربي مستحضرا عددا من الثوابت والمحددات، في علاقة ذلك بقضية الصحراء المغربية، وبناء الاتحاد المغاربي والانفتاح على المحيطين العربي والإسلامي، وتعزيز علاقاته ضمن الدائرة الإفريقية والجوار الأورو- متوسطي، وتمتين علاقاته مع مختلف القوى الدولية.

وهكذا شهدت السياسة الخارجية للمغرب تطورا مهمّا خلال العقدين الأخيرين، بعدما أضحت مبادرة وأكثر دينامية ووضوحاً، واستطاعت أيضاً الموازنة بين تعزيز العلاقات المغربية مع عدد من القوى الدولية الكبرى كالولايات المتحدة والصين وروسيا، دون أن يكون ذلك على حساب العلاقات مع القوى التقليدية كفرنسا وإسبانيا ومختلف دول الاتحاد الأوربي بشكل عام، علاوة على إطلاق مبادرات هامة في إطار تعزيز العلاقات جنوب – جنوب (الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي، وإطلاق مشروع أنبوب الغاز والمبادرة الأطلسية الإفريقية..) كما حققت مجموعة من المكتسبات فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية تعكسها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وكذا تزايد التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام (مواقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا وعدد من البلدان الإفريقية..).

لا يمكن إنكار المساهمات قامت بها قنوات الدبلوماسية الموازية على مستوى مواكبة نظيرتها الرسمية بصدد عدد من هذه القضايا والملفات، غير أن جزءا من التحركات التي اتخذت في هذا الصدد، سواء في إطار مبادرات حزبية أو مدنية أو برلمانية.. طبعتها الآنية وردود الفعل وغياب الاحترافية والاستدامة في الأداء.


س 4: في نظركم ما هي الوصفة السحرية لإنجاح ادوار ومهام الدبلوماسية الموازية المغربية؟

 إن الدبلوماسية الموازية هي دبلوماسية مكمّلة وداعمة ومواكبة للدبلوماسية الرسمية، يفترض أن توفّر الظروف المواتية لتحرك الفاعل الحكومي، وتواكب مختلف القرارات الخارجية المتّخذة وتمنحها دينامية أكبر.

إن كسب رهانات هذه الدبلوماسية، لا يتوقف فقط على مستوى الهامش القانوني والإمكانيات المالية المتاحين، بقدر ما يظل رهينا باعتماد أداء احترافي ينبني على الكفاءة والخبرة والقدرة على المرافعة والإقناع والتأثير في عالم سمته التشابك وتضارب المصالح، وكذا إرساء تحركات دائمة في هذا الشأن، وهو ما يتطلب تنظيم دورات تكوينية منتظمة للنخب المعنية بتحرك هذه الدبلوماسية بقنواتها المختلفة وتمكينها من المعلومات القانونية والاقتصادية والسياسية التي تمكنها من القيام بمهامها بشكل احترافي وفعال.


Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page